شروط التعلم وأهميته
يُعدّ التعلم عملية مركبة لا تتحقق إلا بتوافر جملة من الشروط الأساسية التي تضمن فاعليته ونجاعته، ويمكن حصرها كما يلي:
1. النضج البيولوجي: لا يمكن للتعلم أن يتم دون نمو الجسم واكتمال بعض وظائفه العضوية. فمثلاً، يرتبط تعلم الكتابة بتصلب عضلات اليد ونمو الجهاز العصبي، كما يتطلب تعلم السباحة نضج الجهاز الحركي والتنفسي، وتدريب العضلات والأعصاب.
2. النضج العقلي: يتوقف التعلم على النمو الذهني والذكائي. فلا يعقل مطالبة طفل صغير بمهمة إدراكية تتطلب التجريد المنطقي ككتابة مقال فلسفي، في حين أنه لا يزال في مرحلة الإدراك الحسّي. لذا، من الضروري مراعاة المرحلة العمرية ونوع الذكاء الموازي لها عند تصميم المحتويات التعليمية.
3. الدافعية: يمثل الدافع حافزًا داخليًا يحرك الإنسان نحو التعلم، ليس فقط لإشباع حاجات بيولوجية كما هو الحال عند الحيوان، بل أيضًا لتحقيق الذات، والتطور المعرفي، وإشباع الفضول الفكري، وتحقيق التوازن النفسي والروحي.
4. موضوع التعلم: يرتبط التعلم باكتساب مهارات متنوعة، وتعلم طرائق وتقنيات التفكير والعمل، والتشبع بالقيم والمواقف، إلى جانب التحكم في المشكلات المعقدة، والتفاعل مع المعلوم والمجهول من خلال التفكير النقدي والإبداعي.
5. سياق التعلم: يتم التعلم الفعال ضمن سياقات حقيقية تتمثل في وضعيات-مشكلات مركبة تتطلب من المتعلم البحث عن حلول ناجعة. فكلما تمكن المتعلم من تحليل وضعية معقدة وإيجاد الحل المناسب لها، دلّ ذلك على نضج كفايته الفكرية والعملية.
إن أهمية التعلم تتجلى في كونه شرطًا أساسياً لنمو الإنسان وتطوره، ومن خلاله يستطيع الإنسان التكيف مع بيئته، وتغييرها واستثمارها، وبناء حضارته وتاريخه. وبفضل هذه الأهمية، أولت المدارس السيكولوجية والنفسية أهمية قصوى لفهم آليات التعلم وقوانينه، فانقسمت إلى تيارات متعددة اتخذت من المران، والاكتساب، والتجريب محاور جوهرية في بناء المعرفة العلمية حول السلوك الإنساني التعلمي.