التعلم في منظور السوسيوبنائية

 

    تمثل البنائية الاجتماعية، المعروفة أيضًا بـالسوسيوبنائية أو البنائية السوسيو-معرفية، تطورًا مهمًا في النظرية البنائية التقليدية كما صاغها جان بياجيه. ظهرت كرد فعل على اختزال بياجيه للتعلم في تفاعل الفرد مع محيطه المادي، مُغفِلًا الأبعاد الاجتماعية والثقافية.

 

🧠 1. ليف فيغوتسكي (Lev Vygotsky): المؤسس الفعلي للسوسيوبنائية

   يرى فيغوتسكي أن:

      • التعلم عملية اجتماعية وثقافية قبل أن تكون فردية.

      • يتطور الذكاء من خلال التفاعل مع الآخرين، لا من خلال الاكتشاف الفردي فقط.

      • اللغة هي الأداة الأولى للتفكير والتعلم، وهي ليست فردية بل نتاج اجتماعي.

      • الوظائف النفسية العليا (كالتفكير، والاستدلال، وحل المشكلات) تبدأ اجتماعية ثم تُحوَّل إلى وظائف داخلية (intrapersonnelle).

    طرح مفهومًا ثوريًا: 

المنطقة القريبة من النمو (Zone Proximale de Développement – ZPD)

   وهي المسافة بين ما يمكن للطفل أن يفعله بمفرده، وما يمكن أن يفعله بمساعدة شخص أكثر كفاءة (مدرس، زميل…).

 

👥 2. دوازي (Doise) وكليرمونت بيريه (Perret-Clermont) وغابرييل مونيي (Mugny)

   هؤلاء الباحثون وسّعوا أفق النظرية السوسيوبنائية بإبراز أهمية:

     • الصراع السوسيومعرفي (Conflit socio-cognitif): التعلم يحدث حينما يواجه المتعلم وجهات نظر مختلفة تؤدي إلى مراجعة مفاهيمه الخاصة.

     • الأنشطة التعاونية: كالحوار الجماعي، العمل في الثنائيات أو الفرق، والمقارنة بين وجهات النظر… كلها أدوات لإغناء التعلم.

 

     📌 مقارنة سريعة: بياجيه 🆚 فيغوتسكي

الجانب جان بياجيه ليف فيغوتسكي
محور التعلم الذات (البُنى الداخلية) التفاعل الاجتماعي
مصدر المعرفة التفاعل مع المحيط المادي التفاعل مع المحيط الاجتماعي والثقافي
دور اللغة نتيجة لتطور الفكر أداة لتطوير الفكر
دور الآخر ثانوي مركزي وأساسي
مفهوم ZPD غير موجود أساسي في النظرية

     ✨ خصائص التعلم في السوسيوبنائية

     • التعلم يتم عبر التفاعل الاجتماعي.

     • المعلم ليس ناقلاً للمعرفة، بل مُيسر وموجه.

     • الأقران مورد أساسي لبناء المفاهيم.

     • اللغة وسيلة للتفكير، لا مجرد وسيلة تواصل.

     • يتم التعلم ضمن سياق ثقافي وتاريخي محدد.

 

     🧠 التطبيقات التربوية:

     • التعلم التعاوني (Coopératif).

     • التعلم بالمشروع (Par projet).

     • بيداغوجيا الخطأ: الخطأ فرصة لإعادة البناء والتصحيح الجماعي.

     • الدعم داخل ZPD: تكييف الأنشطة لمستوى المتعلم +1.

     • التقويم التكويني بدل التقويم التصنيفي.

 

🔚 خلاصة:

   السوسيوبنائية هي تيار حديث، يجمع بين بناء المعرفة داخليًا وتفاعلها خارجيًا مع المجتمع. الطفل لا يتعلم بمفرده، بل يتعلم مع الآخرين ومن خلالهم. فالذكاء ليس فقط وظيفة بيولوجية، بل أيضًا منتوج ثقافي اجتماعي. هكذا، يصبح التعلم عملية اجتماعية تفاعلية رمزية، يكون فيها المدرّس والرفاق واللغة والمجتمع أدوات مركزية للبناء المعرفي.

   هل ترغب أن أدمج لك هذه النظريات الثلاث (بياجيه – فيغوتسكي – برونر) في جدول مقارن شامل؟