مرتكزات ديناميكية الجماعات

ديناميكية الجماعات: الإطار الإبستمولوجي والمساهمات الفكرية

 

 المرتكزات الإبستمولوجية

  تستند ديناميكية الجماعات إلى مجموعة من الأطر الإبستمولوجية التي تم تطويرها عبر أبحاث الفلاسفة والسوسيولوجيين الأوروبيين الذين اهتموا بدراسة الكيانات الجماعية. فقد أسس مفكرون مثل إميل دوركايم، وشارل فوريي، وجان بول سارتر، وفرناند طونس، وسمالينبا، وجورج ميد، وشارل كولي أسساً نظرية لتفسير العلاقات والتفاعلات داخل الجماعات البشرية.

 البيداغوجيا التعاونية والاشتراكية

  لعبت بيداغوجيات الفكر التعاوني دوراً محورياً في تطوير هذا المجال، إذ ارتكزت على مفاهيم المطبعة وآلية التراسل وكتابة النصوص الحرة والقيام بالتحقيقات الخارجية. انعكس ذلك في الميل نحو العمل الجماعي وتأسيس التعاونيات المدرسية، وكتابة الجذاذات وإنشاء جريدة الأطفال، فضلاً عن إدارة التسيير الجماعي باستخدام التقنيات الحديثة مثل جهاز الفونو والأسطوانات والسينما. وقد تجلى هذا النهج بوضوح في أعمال سلستان فرينيه.

  كما ساهمت البيداغوجيا الاشتراكية في تهذيب الجماعة ضمن إطار الفكر الاشتراكي والشيوعي، من خلال تحفيز المتعلم على الانضباط داخل زمر اجتماعية لتحقيق المردودية العملية والإنتاجية الفكرية لصالح تقدم الوطن، كما هو الحال عند أنطوان ماكارنكو.

 أبحاث ديناميكية الجماعات

  برزت أبحاث ديناميكية الجماعات من خلال بيداغوجيات العمل الحر بالمجموعات لدى كوزينيه، وأبحاث العالم الألماني كورت لوين الذي أسس عام 1944م منهجية تجريبية سيكو-اجتماعية على مجموعات اصطناعية، جامعاً بين النظرية والتطبيق، مع التركيز على دور المنشط وأنواع الزعامة والقيادة.

  كما ساهمت السوسيوميترية التي وضعها جاكوب لفي مورينو عام 1959م، إلى جانب تقنيتي السوسيوغرام والسيكودراما، في تقديم آليات إجرائية لفهم التفاعلات البنيوية الوظيفية داخل الجماعات وتحليلها، سواء في إطار معالجة الحالات المنعزلة أو تنشيط القوى الاندماجية والعلاجية.

 المساهمات النفسية والمعرفية

  استفادت ديناميكية الجماعات من أبحاث الطب النفسي وتحليلات سيغموند فرويد في موضوع الجماعات، حيث تناولت أعماله مثل “الطوطم والطابو” (1913م)، و”موسى والتوحيد” (1913م)، و”علم نفس الحشود وتحليل الأنا” (1921م) قضايا الجماعة بعمق. كما ساهمت أبحاث بيون، وديديي، وأنزيو، وفولكس في إثراء هذا المجال.

  علاوة على ذلك، أثرت النظريات المعرفية في علم النفس المعرفي منذ الستينيات بمساهمات من جان بياجيه ونوام شومسكي، وتطورت البيداغوجيا المؤسساتية مع جورج لاباساد، وفردناند أوري، وعايدة فاسكيس، وكلاباريد، إضافة إلى نتائج النظرية اللاتوجيهية مع كارل روجرز وأعمال ريبول وأوليفييه.