الجماعة التربوية

  يُعدّ تطبيق ديناميكية الجماعات داخل الفصل الدراسي منهجًا علاجيًا، وبيداغوجيًا، وديداكتيكيًا ناجحًا، يستند إلى أسس علمية تهدف إلى تحسين الأداء الجماعي وتحقيق إنتاجية عالية.

  وفي هذا السياق، يتعيّن على المدرّس تحديد رقم الجماعة واسمها ولقبها، واختيار قائد ديمقراطي يحظى بتقدير جميع أعضائها؛ ويفضَّل أن تكون الجماعات صغيرة الحجم ليسهل على القائد إدارتها بفعالية. بناءً على ذلك، يُقدَّم لكل جماعة نشاط أو عمل تُحدَّد أهدافه وكفاياته، إما من قبل الجماعة نفسها، أو بتوجيه من القائد أو المدرّس، مما يُسهم في حلّ المشكلات بطريقة منهجية وتعاونية.

  ومن الناحية العلمية، تُعد ديناميكية الجماعات دراسة تحليلية تهتم بكيفية نشوء الجماعات، وبروز بنياتها ووظائفها، من خلال الكشف عن المبادئ الضمنية التي تحكم تصرّفاتها التفاعلية الداخلية. وهكذا تصبح ديناميكية الجماعات أداة لتشخيص القوى الخفية، وتجسيد التفاعلات الظاهرة والضمنية التي تُسيّر الجماعات البشرية وتنظّمها ذاتيًا ومؤسساتيًا. وتُترجَم هذه التفاعلات البنيوية إلى علاقات بين أفراد الجماعة، قد تتّسم بطابع سلبي يقوم على الصراع، والكراهية، والتغريب، والعدوان، والنفور، أو بطابع إيجابي يتّسم بالانسجام، والتفاهم، والتعاون، والتسامح.

  علاوة على ذلك، تؤدي ديناميكية الجماعات أدوارًا متعددة، منها: تطوير الجماعات، والعمل على تقدّمها المستمر، وتنمية بنياتها الأساسية، وتوسيع وظائفها داخليًا وخارجيًا، فضلًا عن تحسين مناخ العمل، وتهذيب العلاقات التفاعلية، لتحقيق التوازن المنشود، والارتقاء بإنجازاتها إلى مستويات الإبداع والابتكار. وتُعدّ هذه الطريقة وسيلة فعالة في التنشيط التربوي، إذ تسهم في معالجة التلاميذ الذين يعانون من مشكلات نفسية أو عوائق أو انطواء. ويمكن تطبيقها أيضًا في مجالات متعددة مثل: الإدارة، والتعليم، والتربية البدنية، والخدمة الاجتماعية، والمصحات الطبية، والعيادات النفسية، بالإضافة إلى دراسة الجماعات العمالية في المصانع والمعامل والمقاولات، وتحسين أداء الهيئات الحكومية التي تعتمد فرقًا وزارية.

  وبالتالي، فإن اعتماد ديناميكية الجماعات يُمثل نهجًا علميًا شاملًا، يهدف إلى فهم وتطوير القوى والعوامل التي تُسيّر الجماعات البشرية وتنظّمها، مما ينعكس إيجابًا على الأداء الجماعي، ويُسهم في تطوير بيئة العمل والتعلّم، وتحقيق قفزات نوعية في مجالات الإبداع والابتكار.