تعريف علم النفس النمائي
يهتم علم النفس النمائي أو ما يُعرف أحيانًا بـعلم النفس الارتقائي أو التطوري، بدراسة تطور الفرد عبر مختلف مراحله العمرية، وذلك وفق محددات بيولوجية، فيزيولوجية، عقلية، نفسية، عاطفية، اجتماعية وثقافية.
سواء كانت هذه المراحل مترابطة فيما بينها ومتداخلة، أو منفصلة ومتميزة بخصائصها، فإن الهدف الأساس لهذا العلم هو فهم آليات النمو وتفسير السلوك البشري في تطوره عبر الزمن.
وفي هذا الصدد، يشير عبد الكريم غريب، في كتابه “المنهل التربوي، معجم موسوعي في المصطلحات والمفاهيم البيداغوجية والديدكتيكية”، إلى أن:
“سيكولوجيا النمو تهتم بدراسة وتتبع مراحل النمو الفكرية والوجدانية والحسية الحركية عند الكائن البشري، بهدف تحديد خصائص هذه المراحل وآلياتها التي توجه وتحدد مختلف السلوكات التي تصدر عن هذا الكائن.”
وبالتالي، فإن علم النفس النمائي يُعنى بـ:
• وصف السلوك في كل مرحلة عمرية،
• فهم أسباب التغيرات السلوكية التي تطرأ أثناء تطور الفرد،
• وتفسيرها استنادًا إلى قوانين النمو والتفاعل بين النضج والتعلم.
النمو في نظر بياجيه وولمان
وفقًا لعالم النفس جان بياجيه (J. Piaget)، فإن النمو هو:
“تطور موجّه بحاجات داخلية إلى التوازن، يتميز بسعي الكائن العضوي إلى التكيف مع محيطه الاجتماعي والمادي.”
أما ولمان (Wolman)، فيرى أن النمو يعني:
“الزيادة في التعقيد والتنظيم للعمليات والبُنى النفسية، من الميلاد إلى الوفاة، نتيجة لتفاعل النضج والتعلم.”
وبذلك، يظهر أن النمو ليس مجرد زيادة في الحجم أو السن، بل هو مسار ديناميكي معقّد، يمر فيه الفرد عبر مراحل من إعادة التنظيم الداخلي، وتراكم الخبرات، وبناء الشخصية.
البُعد الوصفي والتفسيري
يُعتبر علم النفس النمائي علمًا:
• وصفيًا: حيث يهتم بتسجيل وتحليل سلوك الفرد في كل مرحلة،
• وتفسيريًا: إذ يسعى إلى تحديد العوامل التي تُفسر هذا السلوك (نفسية، اجتماعية، معرفية…).
كما يُمكّن من مقارنة المراحل النمائية، مثل مقارنة سلوك الطفل بسلوك المراهق أو الراشد أو الكهل، بهدف بناء تصور دقيق عن سيرورة النمو الإنساني في أبعاده المختلفة.