أهميـــة سوسيولوجيـــا التربيــة

  تُعد سوسيولوجيا التربية أداة تحليلية ذات أهمية بالغة في فهم الأنظمة التربوية وتفسيرها، إذ إنها – أولًا – تتجاوز حدود المقاربة السيكولوجية التي تركز على الظواهر الفردية، لتتجه نحو دراسة الظواهر الاجتماعية في أبعادها العلائقية والبنيوية. وبذلك، تُسهم في نشر وعي اجتماعي نقدي عند مقاربة القضايا التربوية.

  كما تُبرز هذه المقاربة السوسيولوجية الترابط العميق بين التربية والسياسة والمجتمع والاقتصاد، من خلال كشف مدى تغلغل العوامل السياسية والاجتماعية داخل المنظومة التربوية. فالمدرسة ليست مؤسسة محايدة، بل تتأثر بالتوجهات السياسية، الحزبية، النقابية، والإيديولوجية السائدة.

  وتسعى سوسيولوجيا التربية إلى تفكيك مسؤولية الفشل الدراسي، ونقلها من الأفراد نحو المجتمع وبنياته، معتبرة أن الاختلالات التربوية هي نتاج تراكمات اجتماعية وهيكلية أكثر منها نتائج سلوكات فردية معزولة.

  وتبرز أيضًا أهمية المدرسة كفاعل محوري في تغيير المجتمع، وتحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة، والمساهمة في تأهيل الاقتصاد، وتطوير المجتمع، وترسيخ الديمقراطية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، والقضاء على الأمية.

  ومن هذا المنطلق، أصبح التعليم مشروعًا مجتمعيًا استراتيجيًا، يتجاوز حدود المدرسة، ويحتل مركزًا متقدمًا في رهانات التنافس بين الأمم، خاصة في سياق العولمة والتحول الرقمي والمجتمعات المعلوماتية.