أزمات المنظومة التربوية وخطط الإصلاح المتعاقبة
رغم رفعة وقدسية المبادئ الأربعة التي تمخضت عنها مناظرة المعمورة (التعميم، التوحيد، التعريب، ومغربة الأطر)، إلا أن تنزيلها على أرض الواقع واجه عدة تعثرات وإشكالات.
ويُعزى ذلك إلى كون هذه المبادئ كانت في الأصل نتاجًا لتوافق هش في سياق استقطاب حاد بين تيارين فكريين:
• تيار النخبة العصرية المدافعة عن الإرث الفرنسي، داخل الدولة عمومًا وقطاع التعليم خصوصًا،
• وتيار الحركة الوطنية السياسية الساعية إلى بناء مدرسة وطنية، منفتحة على الحداثة، دون المساس بخصوصية الهوية العربية الإسلامية.
وقد ساهم استمرار هذا التجاذب، إلى جانب الإكراهات الإدارية والتربوية والمالية والمادية، في إدخال المنظومة التربوية في أزمة مركبة ومزمنة، حاولت الدولة مواجهتها من خلال سلسلة من المخططات الإصلاحية المتعاقبة، التي كشفت عن عمق الأزمة وتعدد مظاهرها، كما أبرزت صعوبة التوافق على مفهوم موحد للمدرسة الوطنية.
وفيما يلي تسلسل زمني (كرونولوجي) لأبرز هذه المخططات:
• المخطط الثلاثي (1965 – 1967)
تراجَع عن مبادئ التعميم، التوحيد، والمغربة، وذلك عقب تقليص ميزانية التعليم.
• سنة 1968
تم تقسيم وزارة التعليم إلى وزارتين:
• وزارة التعليم الابتدائي
• وزارة التعليم الثانوي والتقني
• سنة 1969
أُعيد تقسيم الوزارة من جديد لتصبح ثلاث وزارات مستقلة.
• سنة 1970
إحداث المجلس الأعلى للتعليم.
• سنة 1971
توقفت عملية تعريب العلوم والحساب في التعليم الابتدائي، وكذلك مغربة الأطر.
• المخطط الخماسي (1973 – 1977)
تضمّن الإجراءات التالية:
• تنمية وتعميم التمدرس
• مغربة الأطر
• التركيز على الحاجيات في التكوين
• الحد من ولوج التعليم العالي
• المخطط الثلاثي (1978 – 1980)
ركّز على:
• تنمية التمدرس في العالم القروي فقط
• تعزيز المواد التطبيقية
• مواصلة مغربة الأطر
• المخطط الخماسي (1981 – 1985)
تضمّن مجموعة من القرارات الجوهرية:
• تعريب المواد العلمية في الابتدائي والإعدادي والثانوي
• مغربة الأطر
• إحداث نظام الأكاديميات
• اعتماد نظام الدورات التسع على ثلاث سنوات في التعليم الثانوي
• إطلاق إصلاح يستهدف تعليمًا إجباريًا لجميع الأطفال في سن التمدرس
• اعتماد انتقاء صارم في التعليم العالي
• تشجيع التعليم الخصوصي والتكوين المهني
• إلغاء نفقات تجهيز التعليم العالي
• سنة 1994
أصدر الملك دعوة لتشكيل اللجنة الوطنية المختصة بقضايا التعليم
• سنة 1995
أنهت اللجنة أعمالها وأوصت بما يلي:
• ترسيخ القيم الروحية الإسلامية
• تعميم التعليم
• إقرار إلزامية التعليم للفئة العمرية ما بين 6 و16 سنة
• اعتبار المجانية ضرورة اجتماعية بسبب أوضاع الأسر
• التأكيد على مكانة اللغة العربية كمحور أساسي للتعليم
• ضرورة محو الأمية
• توحيد التعليم وتعريب مختلف المجالات (الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، والسياسية)
لكن، وفي شهر غشت من نفس السنة، تم رفض توصيات اللجنة وإقبار نتائجها.
وفي السياق نفسه، صدر تقرير البنك الدولي حول الأوضاع بالمغرب، حيث أوصى بـمراجعة مبدأ مجانية التعليم.